القرضاوي انتزاع قطر للمونديال أول نصر للمسلمين على أميركا
الدوحة - سيد الخضر
قال العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إن نجاح قطر في استضافة مونديال 2022 يعتبر أول نصر تحرزه دول مسلمة على الولايات المتحدة الأميركية.
وأضاف الشيخ القرضاوي، في خطبة الجمعة بجامع عمر بن الخطاب أمس، أن إصرار القطريين على النجاح والتميز دفعه لمتابعة تطورات الملف «وجلست أمام الشاشة أراقب نتائج التصويت مثل باقي القطريين».
واعتبر القرضاوي فوز قطر صفعة في وجه الولايات المتحدة، ودلل باعتراض الرئيس باراك أوباما على نتائج التصويت الحر، ووصف تصريحاته بأنها «بالغة السوء».
وقال القرضاوي إن امتعاض أوباما من فوز قطر يكشف أن أميركا تريد أن تحتكر كل شيء وتبعد العرب والمسلمين عن كافة ميادين الحياة العسكرية والاقتصادية وحتى الرياضية.
وأشاد الشيخ القرضاوي بجهود قطر التي تكللت بانتزاع الملف رغم المنافسة الشرسة، مضيفا أن الشرق الأوسط يجب أن ينتفض على التهميش؛ لأنه منبع الحضارات ومهبط الرسالات.
وبين فضيلته أن الكرة ظلت خارج اهتماماته؛ لأن عشاقها كثيرون، وعلى العالِم أن يولي وجهه إلى أمور غير مطروقة؛ ليكمل وعي الناس، لكن «طموح قطر وإصرارها على التحدي دفعني لنصرة الملف، ودعوت على أميركا بالسقوط».
من جهة أخرى، استنكر القرضاوي ما يحدث في فلسطين يوميا من قتل وترويع للفلسطينيين على أيدي الاحتلال الإسرائيلي الذي «يقترف يوميا ما تشيب له الولدان وتقشعر لفظاعته الأبدان».
واستغرب عدم وقف مسيرة التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، خصوصا وأن الولايات المتحدة لم تثن إسرائيل عن مواصلة الاستيطان.
إلى ذلك، واصل الشيخ القرضاوي حديثه عن طلب العلم الذي هو «فريضة على كل مسلم ومسلمة»، مشددا على أن محو الأمية عن الجنسين فرض عين يجب أن تتضافر الجهود للقيام به.
وأضاف أن صريح الشريعة الإسلامية يلزم الدولة والجهات المعنية بإزاحة وصمة الجهل عن أمة اقرأ.
وشدد القرضاوي على أن العلم المطلوب من الأمة تحصيله ليس فقط العلم الديني «فعلوم الدنيا مطلوبة، وقد أخطأ من قصر ذلك على ميراث النبوة».
وأشار إلى أن الذين يقصرون أهمية العلم في الإسلام على العلوم الشرعية يركنون ببعض الأحاديث مثل: «يأخذ هذا العلم من كل خلف عدو له.. لكنهم يغفلون عن القرآن الذي يحتفي بالفلك والرياضيات والمعادن وسائر العلوم النافعة».
وبين الشيخ أن قوله تعالى: «وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر» فيه إرشاد إلى أهمية علوم الفلك، بينما قرر تعالى مكانة علوم الاجتماع بقوله: «ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم».
ونبه الشيخ إلى أن الله تعالى أعلى من قيمة العلماء في شتى ميادين المعرفة حيث قال: «إنما يخشى الله من عباده العلماء».
وخلص فضيلة الشيخ إلى أن العلم المطلوب تحصيله شرعا هو كل إدراك يكشف حقيقة ثابتة دينية كانت أو طبيعية أو اجتماعية وحتى لغوية.
ونبه الشيخ إلى أن انصراف الناس عن العلم مرده التخلف الحضاري، ففي أيام ازدهار الحضارة الإسلامية «كنا سادة الدنيا، وأخذنا بناصية أنواع المعرفة، أما الآن فتخلفنا في علوم الدنيا والدين».
وشدد الشيخ على أن الإسلام يطلب من أتباعه أن يكونوا معلمي الأمم، لا عالة عليها في شتى الميادين»، مضيفا أن المسلمين يستوردون من الغرب علوما ابتكرها أجدادهم، «فقد اقتبسوا منا المنهجين التجريبي والاستقرائي».
وأبدى الشيخ أسفه؛ لأن أوروبا انتفضت من سباتها العميق «فتحضروا وتخلفنا، ونهضوا فعثرنا»، منبها إلى أن تحصيل العلم يحتاج للهمة العالية والصبر والتوجيه.
وطالب فضيلته الدول والمجتمعات الإسلامية بالاهتمام بالموهوبين وتأهيلهم في مدارس خاصة، كما تفعل الأمم القوية «فلا يضيع النوابغ إلا في المجتمعات الغافلة».
وتحدث الشيخ عن مبادرته لإنشاء مؤسسة عالمية لرعاية المواهب الإسلامية؛ حيث يوجد عشرات الأذكياء في كل دول الأمة، وهم في حاجة لمن يرعاهم.
وذكر الشيخ بمنهج الصحابة في الحرص على تحصيل العلم؛ حيث كان عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- يذهب إلى بيوت الأنصار يفتش عن هدي محمد عليه الصلاة والسلام.
وحدث الشيخ المصلين عن اعتناء السلف بالعلم؛ حيث كانوا يقولون: «إن العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك».
وحذر الشيخ من ثقافة المتعالمين الذين يظنون أنهم وصلوا نهاية العلم، فـ «ما يزال المرء عالما ما طلب العلم، فإن ظن أنه علم فقد جهل»، ونسي قوله تعالى: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا).
وأضاف القرضاوي أن بلوغه الخامسة والثمانين لا يمنعه من طلب العلم، حيث «أكتشف يوميا أنني أجهل الكثير، وأتعلم من طلبتي؛ لأنه فوق كل ذي علم عليم».
وبين القرضاوي أن علماء الحديث ضربوا أروع الأمثلة في التغرب للعلم حتى أخذوه من أوثق المصادر وأعلاها، إسنادا، حتى «منحونا لقب أمة الإسناد».
وعطر الشيخ الخطبة بفصول من سير السلف الصالح في شد الرحال للعلم؛ حيث كان سعيد بن المسيب يسير الليالي والأيام في طلب الحديث الواحد.
وأشار الشيخ إلى أن منهج الأمة وجهودها الجبارة في توثيق العلوم أنتج كتب السنة المنقحة، فلولا التوثيق لقال من شاء ما شاء.
وحث الشيخ على تضافر جهود الأمة في مجال التعليم، «فنعلم من المدرسة والمسجد والمسرح، حتى لا تكون عندنا مرافق تبني وأخرى تهدم».
وعاب الشيخ على أولياء الأمور الغفلة عن متابعة أبنائهم دراسيا، فلا «يهم الكثيرين ما إذا نجح أبناؤهم أو رسبوا».
واعتبر الشيخ أن الأمة ينقصها المعلم النافع، «فكثير من المعلمين لا يعرفون قدرهم، ولا يحترمهم الطلاب».
من ناحية أخرى، حذر الشيخ من خرافات بعض المشايخ الذين يشوهون وعي الناس بمزاعم طرد عفاريت الجن وافتتاح عيادات للعلاج بالقرآن والسنة.
وسخر الشيخ من الدعاة الذين يقولون الحمد لله الذي سخر الكفار لصناعة التكنولوجيا حتى يتفرغ المسلمون للعبادة، مؤكدا أن هذه دعوات لا تقوم على سند وتوهن جهود الأمة نحو التطور.
وطالب الشيخ القرضاوي المسلمين بحمل أنفسهم على القراءة، كما يفعل الغربيون الذين «نراهم يقرؤون في الطائرات والقطارات».
وحث الشيخ المجتمعات العربية والمسلمة على تحبيب العلم لأبنائها وتوريثهم المكتبات؛ حتى «نتخلص من وصمة أننا أمة لا تقرأ، وإذا قرأت لا تفهم».