بناء الكنائس قضية الأمس واليوم وغداً
اجراس الاحد
يقدمها : سامح محروس
د. نجيب جبرائيل يكشف حقائق خطيرة:
أغلب الكنائس الحديثة تبدأ بإقامة مباني خدمات للهروب من التعقيدات الإدارية
نعم.. الأقباط يضطرون لإخفاء معالم دور العبادة إلي حين إتمامها.. والسبب الإجراءات الاستثنائية
أعد الملف:
سامح محروس
الآن وبعد أن هدأت الخواطر قليلا عقب أحداث العمرانية بسبب مبني خدمات كنيسة السيدة العذراء والملاك.. جاء وقت الحوار الهاديء الموضوعي.. بعيدا عن الانفعالات التي تضر أكثر مما تنفع..
القصة بدأت عندما اكتشف مسئولو الحي وجود إجراءات من شأنها تحويل هذا المبني الخدمي إلي كنيسة أو دار لممارسة الشعائر الدينية.. وهو ما يعني عمليا عدم الالتزام بالتصريح الصادر من الحي لإقامة هذا المبني.
من المؤكد ان أحدا لا يمكنه أن يدافع عن الخطأ من جانب أي طرف وإذا كان أقباط العمرانية أخطأوا في عدم التزامهم بالرسم الهندسي وانهم كانوا ينوون تحويل هذا المبني الي كنيسة فإن التساؤل المنطقي الذي يفرض نفسه: وما الذي منعهم من اعلان هذا الأمر منذ البداية بصراحة وحرية؟
لا أحد يحب السير في الطريق الخطأ.. خاصة إذا كانت سبل الصواب متاحة أمامه.. ولكن من الواضح أيضا ان اعلان الرغبة في بناء كنيسة جديدة ليست بالأمر السهل أو البسيط.. وان المسألة تخضع لمساومات وشد وجذب يمكن أن تجهض الفكرة من الأساس.. خاصة إذا علمنا ان الكنيسة القديمة بالعمرانية والتي تحمل اسم العذراء والملاك لم تعد تتسع للمسيحيين في العمرانية والذين لا يقل عددهم عن 300 ألف شخص في تلك المنطقة.. فما هي حقيقة مبني الخدمات بكنيسة العذراء والملاك بالعمرانية؟ وما الذي دفع الأقباط لعدم بناء سلم الطواريء في هذا المبني؟
* الدكتور نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الانسان والمحامي المسئول عن ملف القضية يقول: طبقا للرسم الهندسي كان المفروض بناء سلم طواريء داخل مبني الخدمات.. غير انه أثناء البناء لم يتم بناء السلم.. مما دفع الأجهزة التنفيذية للاعتقاد بأن عدم وجود سلم طواريء في المبني دليل علي انه شروع في بناء مبني كنيسة وليس مبني خدمات.. وما يهمنا في الأمر هو الموافقة الأمنية حيث توجد موافقة من أمن الدولة لدي مطرانية الجيزة بإقامة هذا المبني ومن المعروف ضمنيا ان الاقباط سيستخدمونه للصلاة بداخله.. رغم كونه مبني خدمات من الناحية الرسمية.. اضف الي ذلك انني لدي مستند تحت يدي عبارة عن وثيقة شكر من أهالي منطقة الطالبية لمحافظ الجيزة يقدمون له الشكر فيها للسماح لهم ببناء كنيسة وهو ما يعني ان المحافظ كان يعلم بشكل مطلق بأن ما يجري بناؤه هو كنيسة كما ان عملية اقامة المباني استغرقت 3 شهور كاملة ولم تمثل أي مفاجأة والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا مبني خدمات العمرانية بالذات في الوقت الذي تنتشر فيه المباني العشوائية بدون ترخيص في كل مناطق الطالبية وهو حي شعبي.. لماذا تعمد رئيس الحي علي وجه اليقين تحرير مخالفة وإزالتها فورا لمبني الكنيسة؟
للأسف الشديد لم تكن هناك مواءمة سياسية.. ولاشك ان هناك غيابا في التنسيق بين الأجهزة المختلفة.. خاصة ان الجهاز الأمني هو المختص حاليا بإصدار موافقات لبناء الكنائس ومن المعروف ان أمن الدولة هو الجهة الأخيرة المختصة بالموافقة علي الكنائس بينما تختص الأحياء بالرسوم الهندسية فقط وبناء علي ذلك لم يكن مسيحيو العمرانية علي خطأ ولم يرتكبوا خطأ.. وهم لم يقوموا ببناء هذه المباني إلا بعد الموافقات الأمنية والدليل علي ذلك ان جهاز أمن الدولة لم يعترض رغم علمه بأن هناك مباني جاري العمل بها ولكن الذي تدخل فقط هو الأمن العام بناء علي شكوي من الأجهزة التنفيذية بمحافظة الجيزة وبالتالي الأقباط لم يخطئوا في بناء هذا المبني.
* طالما ان الأمر كذلك.. لماذا لا تتسم عمليات بناء الكنائس بالوضوح والشفافية بدلا من اقامة مبني خدمات بغرض الصلاة ثم تندلع المشاكل فيما بعد؟
قال الدكتور نجيب جبرائيل: هناك تراكمات قديمة وهذا الموضوع ليس جديدا ولن يكون الأخير في ظل تعقيدات بناء الكنائس.. للأسف الشديد لا يوجد قانون علي الاطلاق يعطي المسيحيين حقهم في بناء الكنائس إلا بقرار جمهوري أي انهم يخضعون في بناء كنائسهم لظروف استثنائية كما يعيش المواطنون حالة الطواريء وهي حالة استثنائية وبناء الكنائس يتم في إطار قرارات استثنائية تتضمن صدور قرار جمهوري في بناء الكنيسة الجديدة وقرار من المحافظ لترميم الكنيسة القديمة.. أي ان الأقباط يعيشون ظروفا استثنائية في بناء دور عبادتهم وهو أمر لا تخضع له المساجد مما يدفعهم لإخفاء معالم مبني الكنيسة الي حين اتمامها.
ويستطرد جبرائيل قائلاً: هناك قاعدة شرعية وقانونية تقول: الضرورات تبيح المحظورات وهناك ضرورة ملحة في العبادة والمسيحيون مضطرون للبناء لأن أجهزة الدولة لم تهييء لهم المناخ ولا الأجواء ولا ثقافة المواطنة لكي يتعبدون في إطارها والحكومة وعدت بإصدار قانون لتنظيم بناء دور العبادة ولم تف بوعدها وسوف تظل المشكلة الي أمد طويل إلي ان يصدر قانون بناء دور العبادة الموحد.
* وما تفسيرك لموقف رئيس الحي؟
قال الدكتور نجيب جبرائيل: رئيس الحي تعامل بهذا الشكل الغريب انطلاقا من اقتناعه بعدم أحقية المسيحيين في بناء الكنائس إلا بقرارات استثنائية والمعادلة الصعبة تتمثل في انه كيف تقول لي تعبد بحرية تامة وفي ذات الوقت تمنعني وتضع لي العراقيل والعقبات وكأن التعبد في مصر لغير المسلمين يتطلب إذنا من الحكومة.
* وبأي قدر يمكن أن يقدم القانون الموحد لبناء دور العبادة حلا لهذه المشكلة؟
قال الدكتور نجيب جبرائيل: سيحل 80% من مشاكل الأقباط في مصر.. لأن معظم المشاكل التي نجمت سببها غياب قانون بناء دور العبادة الموحد.. ولا أعلم هل الدولة عاجزة عن اصدار القانون رغم ان فضيلة شيخ الأزهر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي وشيخ الأزهر الحالي فضيلة الدكتور أحمد الطيب أصرا علي ان الأزهر لا يمانع مطلقا من اصدار هذا القانون بل ان الإمام الراحل له مقولته الشهيرة: أتمني أن أري في كل شارع مسجدا وكنيسة.. أليس إصدار تصريح لبناء كنيسة.. افضل من اقامة الملاهي في الفنادق الكبري؟
* وماذا لو كانت الأجهزة التنفيذية لا تملك هذا النوع من الفكر؟ هل سيحقق مثل هذا القانون الهدف المرجو منه؟
قال الدكتور نجيب جبرائيل: لقد طالبنا في مشروع القانون الذي أعددناه ان يتم النص علي ألا يتطلب الترخيص أي موافقة أمنية وان يقتصر فقط علي التراخيص الهندسية وملكية الأرض.. إلخ ولا شك اننا نحتاج الي ثقافة منفتحة ومستنيرة لدي الجهاز الإداري ورؤساء الأحياء فيما يتعلق بتعاملهم مع شأن المسيحيين.