أزمات جنسية واجتماعية في ظل إصرار المسيحيات في مصر على الختان
الكاتب محمد عارف - وطن يغرد خارج السرب
كشفت مصادر كنسية أن المسيحيات في مصر يلجأن إجراء عمليات الختان كعادة اجتماعية مضيفة انه "ليس هناك قاعدة دينية تؤكد على ختان الإناث في المسيحية".وأضافت المصادر، والتي رفضت ذكر اسمها تعليقاً على تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة والأمومة والذي أشار إلى أن 91% من الفتيات والنساء في مصر واللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عاماً قد تعرضن للختان، أن "الكنيسة حاولت خلال الفترة الماضية التصدي لظاهرة ختان الإناث من خلال إرسال مجموعة من النساء المرتبطات بأنشطة كنسية إلى القرى النائية لتوعية النساء هناك من مخاطر ختان الإناث، خاصة وأن وزارة الصحة المصرية والجهات الدينية الرسمية في مصر كانت قد أكدت على عدم قانونية إجراء عمليات الختان بالنسبة للإناث".
ومن جانبها حكت إحدى الناشطات في مجال العمل الكنسي في مصر تجربتها مع توعية المسيحيات بشأن مخاطر الختان مشيرة إلى أن "الكنيسة أرسلتها بالفعل إلى قرية نائية في محافظة الشرقية، وهناك التقت بمجموعة من النساء المسيحيات، وتحدثت إليهن حول ختان الإناث وخطورتها على الصحة الإنجابية والجنسية بالنسبة للنساء".
وأضافت الناشطة، والتي اكتفت بذكر اسمها الأول (تريزة) قائلة "قضينا ساعات طويلة معهن، ودخلنا معهن في حوارات مفتوحة وجريئة، وشعرنا أنهن استجبن لما قلناه لهن، لكن بعد ثلاثة أشهر، عدنا إلى نفس القرية لنجد أن كل ما قلناه ذهب أدراج الرياح" مشيرة إلى أن "العرف الاجتماعي كان هو الأعلى صوتاً، فالنساء في مصر، سواء مسلمات أو مسيحيات، يفضلن الختان على حساب أي شيء آخر".
وأضافت أن "عدم الختان يمثل أهمية كبيرة بالنسبة للمسيحيات، خاصة وأنه يؤثر على حالة المتعة الجنسية التي تصل إليها المرأة، وفي ظل عدم إباحة الطلاق إلى لعلتي الزنا أو تغيير الديانة، فإن تأثير ختان المرأة على عدم إشباع حاجات زوجها الجنسية يتسبب في كثير من المشكلات بين النساء وبين أزواجهن، وهو ما أدى لوقوع مشكلات عديدة أدت بالبعض إلى تغيير الديانة للهرب من القيود الدينية التي تمنع الطلاق أو الجمع بين زوجتين".
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة والأمومة "اليونيسيف" قد نشرت تقريراً عن كيفية تعامل المجتمعات الإفريقية مع ختان الإناث، مطالبة بوضع حد لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث رغم أنف الضغوط الاجتماعية التي تشهدها معظم البلدان الإفريقية.
وأظهر التقرير الذي أصدره مركز "إينوشنتي" للبحوث التابع لليونيسيف وتناولته وسائل إعلام مصرية فإنه بالرغم من إحراز تقدم في وقف هذه الممارسة خلال الفترة من 2007 لـ 2008 إلا أن هناك تراجع ملحوظ في المجتمعات الإفريقية، مركزاً على خمس دول هم مصر والسودان وأثيوبيا وكينيا والسنغال.
وجاء في التقرير أن 91% من الفتيات والنساء في مصر، واللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عاماً، قد تعرضن للختان بحسب تقرير الأمم المتحدة الصادر عام 2008" مشيرا إلى "تعثر إتاحة البيانات التي يمكن الاعتماد عليها"
وحسب ما جاء في التقرير فإن أفريقيا بها نحو ثلاثة ملايين فتاة وسيدة معرضين لخطر الختان كل عام. كما أشار التقرير إلى ختان الإناث في بعض بلدان آسيا والشرق الأوسط ، وإلى حد أقل في بعض مجتمعات المهاجرين في أوروبا ، وأستراليا وكندا ونيوزيلندا والولايات المتحدة الأمريكية.
ورجح التقرير أن يكون الدافع الرئيسي وراء ممارسة "ختان الإناث" هو الأعراف الاجتماعية المعقدة التي استمرت لعدة قرون مما يستلزم الوقت للتخلص منها. وأشار التقرير إلى أن هناك العديد من الأسر ممن يعتبرون الختان ضروري لتربية الفتاة وتأهليها للزواج حتى أن عدم الإقدام على هذه الممارسة من شأنه استبعاد الفتاة ورفضها من قبل المجتمع.
وأكد التقرير على أهمية تعزيز الجوانب الإيجابية للثقافة المحلية وبناء ثقة المجتمع من خلال تنفيذ مشاريع التنمية والتي تلبي كافة الاحتياجات المحلية مشيراً إلى أن "الأفكار الجديدة دائماً ما تأتي مع النوايا الحسنة والرغبة في تحسين المعيشة".
وأكد التقرير على أهمية دور البرامج الناجحة والتي تشمل كافة تيارات المجتمع إضافة إلى الاعتماد على الشخصيات التي تحظى بالاحترام، ومن بينها القيادات الدينية إلى جانب اشتراك المؤسسات والشبكات الاجتماعية، وإجراء تعديلات تشريعية وحملات إعلامية.
وأوضح التقرير أن قرار العائلة بممارسة ختان الإناث أو التخلي عنه يتأثر بالمكافأة والعقوبة التي تتوقعها العائلة فيما بعد.
وقال جوردون ألكسندر، مدير منظمة العفو الدولية بمركز إينوشنتي للبحوث، إن "فهم التغيرات الاجتماعية المتنوعة والتي تجعل من ممارسة ختان الإناث ظاهرة دائمة في تلك المجتمعات، يستلزم تغيير الطريقة التي يتم بها التخلي عن هذه الممارسة" مشيراً إلى أنه "لا يوجد ما يسمى بالحل الوحيد أو السريع ولكن هناك تقدم من شأنه أن ينهي هذه الممارسة".
ودعا جوردون إلى تكاتف الجهود والارتقاء بها لإحداث التغيير في حياة الإناث.
وعلى الرغم من إشادة التقرير بتراجع ختان الإناث في البلدان الإفريقية وخاصة مصر والتي لا تزال معدلات ممارستها لـ "ختان الإناث" مرتفعة إلا أن التقرير تنبأ بحدوث تغيير كبير إذا ما شكك أفراد المجتمع في مزايا ختان الإناث ورفضوا أن يخضع ذويهم لهذا العنف.