5 أسلحة جديدة لمحاربة السمنة
تخبركم عنها: أميمة إبراهيم
رغم الكم الكبير من الدراسات التي أوجدت أكثر من سبب لحدوث السمنة، ومع كل هذا الكم من الأنشطة الغذائية للنحافة, وأدوية كبح الشهية وإذابة الدهون، يعترف الأطباء بأن جراحات السمنة فقط هي التي حققت نتائج ملموسة كما يبشرون بأسلحة جديدة لمحاربة السمنة.
فمنذ عشرين عاما ومرض السمنة معضلة كبيرة تبحث عن حل, فكل يوم يضاف رقم جديد للبدناء وقد قدرت منظمة الصحة العالمية أن يصل تعداد البدناء في عام 2015 لحوالي ثلاث مليارات شخص فوق الوزن وأكثر من 700 مليون بدين.
مما دعا المنظمة لإعلان حالة الطوارئ القصوي في مواجهة هذا الوباء الجديد السمنة!!
فكما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن وباء السمنة أكبر بكثير مما كنا نتصور, وهو واقع يتفشي في جميع أنحاء العالم وبالأرقام لا تكذب فقد ارتفع عدد البدناء في أنحاء العالم في العشرين سنة الأخيرة ليصل لحوالي 500 مليون شخص يعانون زيادة الوزن.
في الولايات المتحدة الأمريكية هناك حوالي 127 فوق الوزن غير 60 مليون يعانون من السمنة المفرطة, رقم يرتفع بنسبة 5% سنويا.
في فرنسا التي عرفت بالرشاقة هناك 15 مليون شخص يعانون من زيادة في الوزن.
وأرقام للبدناء تتضاعف في بريطانيا وأمريكا اللاتينية والهند واليابان والصين.
وخلافا للاعتقاد الشائع أن السمنة مرض الشعوب الغنية فقط فإن الوباء يتزايد في البلدان الفقيرة ودول العالم الثالث فتقرير منظمة الصحة العالمية عن معدلات السمنة هي 34% في البرازيل و33% في مصر و24,4% في المكسيك و50% سمنة عند نساء البحر الكاريبي و12,1% في جنوب الصحراء الأفريقية.
والسمنة آخذة في الازدياد بين الأطفال فيتوقع انها ستزيد بنسبة 25% في عام 2025.
فسمنة الأطفال قفزت في اليابان إلي 53% وفي بريطانيا العظمي النسبة 65% والولايات المتحدة الأمريكية 60%.
ويحذر الأطباء من أن سمنة الأطفال تبدأ أحيانا في رحم الأم في الثلث الثاني والثالث من الحمل ثم تتطور في السنة الأولي.
وتؤكد الدراسات الأمريكية أن سمنة الرضع ستتضاعف في غضون 12 عاما للرضع بين 6 و11 شهر.
* بدانة تقصف العمر
والبدانة هي سبب وفاة الرجال بين 25 و35 عاما في أمريكا ومن المتوقع أن تصبح هي السبب الرئيسي للوفاة.
وفي فرنسا يذكرون أنها السبب الرئيسي لحدوث العمي قبل عمر الخامسة والستين والسبب الرئيسي لبتر الأطراف غير الناتج عن حادث لأشخاص أصابهم مرض السكر.
وهي السبب الرئيسي لضعف القلب والأوعية الدموية. وهي سبب قصف عمر الشباب فتقلل أعمارهم حوالي 13 سنة.
وعندما نجد أن علامات السمنة موجودة في السنة الأولي لعمر الإنسان فمن الصعب توجيه اللوم للوجبات السريعة والتليفزيون وعدم ممارسة الرياضة. فبالتأكيد هناك أسباب أخري للمرض فقد تكون الوراثة أو الجينات فكيف يمكن لشخص أن يزن 150 كيلوجراما رغم أن شقيقه وزنه مثالي ويتشارك معه في البيئة والنظام الغذائي نفسيهما؟!
أكثر من تفسير لذلك يسوقه الباحثون والأطباء فالسمنة قد تبدأ من الهضم وهي أول سلاح يوجهه الباحثون في وجه السمنة: الفلور المعوي.
السمنة لا تحدث فقط نتيجة الأطعمة الدسمة أو بسبب نقص النشاط أو لأسباب وراثية فلقد ثبت أن الفلور المعوي أو الهضم قد يكون سببا للسمنة كما يؤكد د.ريمي بورسلين من مركز الانسرم للأبحاث الطبية.
فمليارات البكتيريا تعيش في المعدة وتساعد علي الهضم وتلعب دورافي حدوث السمنة وهو ما أثبته جيفري جوردون من جامعة سانت لويس بالولايات المتحدة والذي أثبت بالتجربة أن الفلور المعوي الموجود في معدة فئران بدينة هو سبب سمنة فأرة نحيفة بعد نقلها إليها مما يعني أن البدانة قد تكون مرضا معويا.
ويري د.ريمي بورسلين أن نفس الشيء قد يحدث عند الإنسان. فنوعية البكتيريا التي تستعمر معدة الإنسان تلعب دورا في درجة سمنته في المستقبل, وبدون شك فان الشخص الذي يولد في عائلة بدينة سيكتسب عدوي الفلور المعوي من آبائه أو إخوته أو اخواته البدناء.
من هنا جاءت فكرة تعديل الفلور المعوي البكتيري للتحكم في الوزن, فالبكتيريا تتغير باختلاف الغذاء وهي تأكل قبل أن تأكل.
والمشروع الأوروبي وضع الجينوم البكتيري لمعدة الإنسان والذي وضع في ابريل 2008 هو الخطوة الأولي لذلك.
* الدهون البنية
كشفت ثلاث دراسات طبية أن لدي البالغين كميات كبيرة من الدهون البنية TAB والتي تقوم بحرق الدهون بعكس ما تقوم به الأنسجة البيضاء التي تخزن الدهون والتي اعتقد علماء البيولوجي أنها لا توجد إلا عند القوارض والثدييات والإنسان في صغره للقيام بالتدفئة.
ولكن هذه الدراسات أثبتت أنها موجودة عند الشخص البالغ وهذه الأنسجة تعمل عندما يوضع الشخص في بيئة باردة. من هنا جاءت فكرة تنشيط الخلايا البنية عند البدناء لمساعدتهم في تحويل الدهون المخزنة لديهم لطاقة ويتوقع العلماء حرق حوالي 4,1 كيلو دهون في العام إذا تم تنشيط خلايا TAB أو الخلايا البنية.
وقد أشارت الدراسات إلي أن الدهون البنية موجودة بكثرة عند الأشخاص النحفاء أكثر من البدناء. كما أنها موجودة بنسبة أكبر لدي النساء أكثر من الرجال. وأن الدهون البنية ساعدت بعض الفئران علي محاربة بعض الأمراض كما ساعدتهم علي مكافحة السمنة.
ويري عدد من الباحثين أن هذا الاكتشاف بمثابة اكتشاف عضو جديد بالجسم يعمل بشكل فسيولوجي علي استهداف الطاقة مما يجعله هدفا مثاليا واستهدافه بالعقاقير الطبية لتحفيزه وجعله أكثر نشاطا.
وفي الوقت الحالي يعتبر ابقاء الجسم في درجة حرارة منخفضة جدا تصل لدرجة الشعور بالرجفة والارتعاش لمدة طويلة هي السبيل الوحيد لتحفيز الخلايا البنية وزيادة الحرق.
* ريجيم الدي إن إيه
تناول الغذاء حسب البروفيل الجيني هو أحدث طرق مواجهة البدانة استنادا إلي نتائج اختبارات الحمض النووي الريبي ـ الدي إن إيه ـ والذي يفسر العلاقة بين الجينات والعوامل الوراثية والسمنة.
والذي يرد علي التساؤل الذي يشغل الناس كثيرا لماذا عند تناول طعام معين البعض يسمن والبعض الآخر لا؟! يشرح د.دومينيك لونجين ـ كلية طب جامعة تولوز أن نظام الحمية لا يصلح لأي جسم ولا يحقق النتائج المرجوة لكل شخص نظرا لاختلاف هذه الأجسام عن بعضها البعض ولاسيما في الجينات والعناصر الوراثية. فنجد رجلا أو امرأة يفقد من وزنه بضعة كيلو جرامات في الشهر في حال اتباعه ريجيما معينا بينما يفقد آخر كيلو جراما واحدا إذا ما اتبع الريجيم نفسه.
وهناك عيادات كثيرة في الولايات المتحدة الأمريكية تشير بمجرد عمل تحليل الدم بالنظام المثالي والأكثر فاعلية لإنقاص الوزن.
وتقوم فكرة هذا الأسلوب علي أن كتلة وزن الجسم وحجمه تعتمد علي العوامل الوراثية وتتأثر بها ـ وأن واحدا أو أكثر من الجينات هو المسئول الأول والأكبر عن زيادة الوزن والسمنة وأن تنوع هذه الجينات وتعددها بشكل عام يقدم التفسير الوحيد المقبول لأسباب تناول بعض الناس كميات كبيرة من الطعام ولماذا يختلف تأثير الكمية ذاتها من الطعام علي شخصين.
ويري علماء من جامعة أكسفورد أن 16% من الناس توارثوا نسختين مختلفتين من جين واحد اسمه الـF.T.O وهو المسئول بنسبة 70% عن بدانتهم وقابليتهم للبدانة.
والبرنامج الأوروبي (ديوجين) والذي يعني الريجيم والسمنة والجينات,
والذي وضع في يناير عام 2005 سمح للأطباء بالرؤية بشكل أفضل. ففي تجربة علي 800 شخص تمت ملاحظة الجينات التي تعمل مع الأشخاص عند تناول أنواع معينة من الطعام. وقامت عمليات المسح بحصر وتحديد الجينات المسئولة عن الطعام والبدانة والتي قد يصل عددها إلي سبعة جينات تلعب دورا جوهريا في عملية التحكم في الوزن.
من تلك الجينات: جين GNB3 والذي يتحكم في مدي حساسية جسمك تجاه هرمون الأنسولين الذي يلعب دوره في تخزين الدهون. وهناك جين NPy المسئول عن الشعور بالجوع والشبع والذي يفسر اشتهاء شخص ما للطعام بصورة أكبر من غيره.
وهناك جين Beta3 المسئول عن تخزين الدهون أيضا وفي المرحلة الثانية من التجربة تم تقديم النظام الغذائي التنحيفي لبعض الأشخاص وقياس مدي الاستجابة لدي كل منهم فوجدوا أن فقدان الوزن لم يكن بالقدر نفسه عند شخصين مختلفين يتبعون النظام الغذائي نفسه,
ووفقا للدكتور كارين كليموه أستاذ التغذية والسمنة بمركز الانسرم بباريس خلال 20 عاما سيكون باستطاعة كل شخص أن يتناول طعامه طبقا لنظام غذائي خاص به وحده وأن أرفف السوبر ماركت ستملأ بأصناف طعام صنعت اعتمادا علي التقديرات والاتجاهات الجينية.
* عمليات الجراحة
تبقي الجراحة علي صعوبتها هي الحل الوحيد الناجح والمستمر لانقاص الوزن وإنقاذ الحياة من خطورة أمراض السمنة المفرطة. كما يؤكد د.فيليب فروجويل ـ مدير معمل الجينوم وأمراض التمثيل الغذائي في جامعة ليل بباريس وتعتمد عمليات السمنة علي هدفين تقليل حجم المعدة وبالتالي تقليل كمية الطعام أو تحويل المسار الهضمي للطعام بالتسريع في إخراجه والتقليل من امتصاصه وهضمه،
وذلك بربط جزء منها وهو ما يطلق عليه اسم الـByposs وهي جراحة تلقي رواجا كبيرا في أنحاء العالم حوالي 40 ألف جراحة تم إجراؤها في العالم عام 1998 لتصل إلي 345 ألف عملية في عام 2008 أي بزيادة 761% حسب دراسة للباحث هنري بوشالد من جامعة مينوسوتا. كما ذكرت دراسة سويدية قامت بمتابعة 4 آلاف شخص أجروا هذه الجراحة أنهم فقدوا وزنا دائما حوالي 14 إلي 25% خلال عشر سنوات من إجرائها.
كما قللت الوفيات من 29 إلي 40% إلا أنها ذكرت أن نجاحها كان محدود عند الأشخاص فوق الوزن بـ40 كيلوجراما, كما أنها لم تحل مشكلة بدين وزنه 160 كيلوجراما حتي بعد تخفيض 25% من وزنه.
ويشرح الجراح جيروم دارجنت تفاصيل العملية فيذكر أنه يتم قص الجزء العلوي من المعدة علي شكل جيب صغير وفصله عن الجزء السفلي من الأمعاء الدقيقة مباشرة لتصبح بقية المعدة والاثني عشر والجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة والتي يوجد بها عصارات الهضم بعيدة عن الطعام,
فيمر الطعام مباشرة للجزء السفلي للأمعاء الدقيقة فيهضم بشكل أقل وخاصة الدهون. وهذه الطريقة تغطي الشعور السريع بالشبع وينقص الوزن بأعلي نسبة علي الإطلاق فيتم التخلص بنسبة 80% من الوزن الزائد خلال سنة مع ثبات الوزن ولكن يجب علي المريض أخد الفيتامينات المكملة مدي الحياة كما أنه قد يعاني الشعور بالدوخة وآلام البطن والإسهال والتعب والارهاق وانخفاض مستوي السكر في الدم نتيجة الوصول السريع غير الطبيعي للطعام للأمعاء الدقيقة.
* استئصال ثلثي المعدة
يتم إجراء الاستئصال بالمنظار عن طريق ثلاث فتحات صغيرة فيتم استئصال ثلثي المعدة ويستخدم فقط ثلث المعدة مما يقلل حجم الطعام بنسبة ثلثين وينقص الوزن خلال سنة وهذه العملية تلقي رضاء المرضي نتيجة عدم إلزامهم بنظام غذائي قاس كما يثبت الوزن علي المدي الطويل.
* تقليل حجم المعدة
عن طريق وضع بالون مطاطي عن طريق الفم بمساعدة منظار الجهاز الهضمي ثم يملأ بمحلول خاص وبعد 6 أشهر يمكن للشخص أن يفقد 25 كيلو جراما علي الأكثر إذا نجحت. إلا أن هذا النوع من العمليات انحسر عالميا بسبب انفجار البالون في بعض الحالات النادرة وبسبب احساس المريض الدائم بالقيء وعدم الراحة.
* ربط المعدة
يتم ربط الجزء العلوي من المعدة مما يكون جيبا صغيرا يمتلئ سريعا بما مقداره كوب ماء مما يؤدي لشعور الشبع ويمكن للطبيب التحكم في حجم هذا الجيب عن طريق جهاز يزرع تحت الجلد, يتصل برباط المعدة مما يمكنه من تصغير الجيب لتقليل كمية الطعام ويمكن للمريض تخفيض 35 كيلوجراما من وزنه خلال 6 أشهر إذا اتبع نظاما غذائيا صارما.
* العصب التائه
إذا كان مستقبل الجراحة مزدهرا فإن الباحثين وجدوا وسيلة أقل خطورة وعدوانية وهي استغلال العصب التائه أو عملية الـVBLOC وهو العصب الذي يربط بين الدماغ والجهاز الهضمي والذي يتحكم في الشعور بالجوع وجاءت الفكرة بإعاقة عمله بتحفيزه ليصدر ذبذبات عالية التواتر لتقليل كمية الطعام.
وفي أول دراسة إكلينيكية للجمعية الأمريكية أنتيرو ميديك سانت بول بمينوسوتا والتي استخدمت هذه التقنية مع 38 مريضا بالبدانة زرعوا جهاز الذبذبات وفي خلال 6 أشهر فقدوا 17,9% من وزنهم بعد مرور عام وصلت النسبة إلي 28,1% عند 17 شخصا وخلال 18 شهرا فقد 9 أشخاص منهم نسبة 37,6% من وزنهم الزائد.
* استهداف المخ
كثير من الباحثين يرون أن مشكلة السمنة أساسها المخ الذي لا يعطي الأمر بالشعور بالشبع لذا فكر العلماء في استثمار تقنية تقليص حجم المعدة ولكن عن طريق استخدام سبراي: عند استنشاق الشخص له يصل للمخ الشعور بالشبع وبالتالي يتم تقليل كمية الطعام المتناول.